مر على وفاتها ما يقرب من تسعة أعوام، فقدت خلالها السينما المصرية أم استطاعت أن تحتضن المشاهدين بدموعها وإحساسها العميق، فاشتهرت بلقب أم السينما المصرية، اعتبرها الكثيرون مثالاً حيًا للحزن، لدرجة إطلاق اسمها على كل من يبكون كثيرًا، فكانت أمينة تقدم أدوارها بتلقائية شديدة، فتركت أثرًا لا ينمحي داخل كل مشاهد عنها كأم.
ومن أبرز أعمالها في هذا الأطار الجنة تحت قدميها، السقا مات، قنديل أم هاشم، لك يوم يا ظالم، دعاء الكروان، الشموع السوداء، أريد حلا، بداية ونهاية.
ولدت الفنانة القديرة أمينة رزق، في مدينة طنطا في الخامس عشر من شهر إبريل لعام1910، ثم انتقلت ووالدتها للعيش في القاهرة مع خالتها الفنانة أمينة محمد إثر وفاة والدها، وكان عمرها ثماني سنوات.
ظهرت لأول مرة على خشبة المسرح عام 1922، حيث قامت بالغناء إلى جوار خالتها في إحدى مسرحيات فرقة علي الكسار في مسارح روض الفرج، وانتقلت للعمل مع فرقة رمسيس المسرحية، التي أسسها عميد المسرح العربي يوسف وهبي عام 1924، حيث ظهرت في مسرحية "راسبوتين"، وشاركت بالتمثيل في أغلب مسرحيات وهبي، الذي ارتبطت به أستاذًا وفنانًا، ولم تتزوجه رغم حبها الشديد له وكان هذا الارتباط وراء شهرة أمينة رزق، التي أصبحت إحدى الشخصيات الأساسية في المسرحيات، التي قدمتها الفرقة، وكذلك في الأفلام التي أنتجها يوسف بك وهبي.
ومن أبرز مسرحياتها التي قدمتها في السبعينات "السنيورة"، والمسرحية الكوميدية "إنها حقًا لعائلة محترمة جدًا"، بالاشتراك مع فؤاد المهندس وشويكار، وكان آخر ما قدمته على خشبة المسرح قبل وفاتها مسرحية توفيق الحكيم "يا طالع الشجرة" إلى جانب الفنان أحمد فؤاد سليم.
في مجال السينما بزغ نجمها كممثلة قديرة، وكانت تحظى باحترام العاملين في المجال الفني، الذين رأوا فيها مثالاً للاحتواء والانضباط، وكان لدور "أمينة" زوجة سي السيد في رائعة لنجيب محفوظ فيلم بين القصرين، أحد الأدوار التي خلدت في أذهان كثير من نساء مصر وأثار حولها ضجه كبيرة.
كما استطاعت أمينة رزق أن تكون مع الفنان يوسف وهبي ثنائي فني ناجح، فكان أول تعاون فني بينهم في فيلم "أولاد الذوات" سنة 1939، ولعبت به دور البطولة، حيث يعد هذا الفيلم أول فيلم مصري ناطق في السينما المصرية، وهو من إخراج محمد كريم، ثم توالى ظهورها في أفلام عديدة منها المجد الخالد، الدكتور، قلب امرأة، أولاد الفقراء، عاصفة على بيت، كليوباترا، البؤساء، أريد حلاً، دعاء الكروان، قنديل أم هاشم، الشيماء، الشموع السوداء، نهر الحب، أين عمري وغيرها.
وفي مجال التليفزيون قدمت العديد من المسلسلات الناجحة، أشهرها مسلسل "الأيام"، الذي تناول سيرة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، والتي جسدها الفنان احمد زكي، ومسلسل "البشاير" مع الفنان محمود عبدالعزيز، ومسلسل "الأفعى" مع الفنان الكبير محمود المليجي والفنانة مديحة كامل.
وحصلت أمينة رزق على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما منحت أوسمة من المغرب وتونس، وحازت عدة مرات على الجوائز الأوىي لاختيارها أحسن ممثلة عن أعمالها السينمائية والمسرحية، وتقديراً للمكانة الرفيعة التي احتلتها في حياتها الفنية فقد تم تعيينها عضوًا بمجلس الشورى.
وفي الرابع والعشرين من شهر أغسطس من عام 2003م، توفيت الفنانة القديرة أمينة رزق عن عمر يناهز 93 عامًا بعد مسيرة حافلة بالإنجازات الفنية.