بسم الله الرحمن الرحيم
نضع بين يدى القارئ مختصرمفيد عن بداية تكوين الدولة الشعشعية الموسوية التى انشاْة فى الاحواز وامتدت واصبحت مترامية الاطراف واتخذت الحويزة عاصمة لها وامتد نفوذها الى مناطق واسعة شملت جنوب غرب ايران وجنوب شرق العراق وشمال شبه الجزيرة العربية، وضربت النقود باسم المشعشعين وقد ذكرة السيد محسن العاملي في كتابه ( اعيان الشيعة – 46 – ص 192 ) بقوله : عندما بلغ السيد محمد بن فلاح السنة السابعة عشرة من عمره ، وقرا القرءان وتعلم الكتابة وقراءة مقدمة من العلم طلب الى والده ان يقرا في مدرسة العلامة الشيخ ابي العباس احمد بن فهد الحلي من اكابر علماء الصوفية ، ومن اعاظم مجتهدي الشيعة الامامية الاثنا عشرية ، حيث كان في الحلة التي يومها تعتبر مركزا علميا هاما ، فيها مدارس علمية منها المدرسة ( الشرعية ) مدرسة الشيخ ابن فهد الحلي التي يدرس فيها انواع العلوم الاسلامية ، وكان السيد فلاح والد المترجم في ضنك من المعيشة ، فاذن للسيد محمد بالسفر الى الحلة ، ودخل مدرستها الشرعية ، وقرا على يد الشيخ ( ابن فهد ) وصرف ليله ونهاره في المطالعة والدرس فبلغ المرافي الجليلة في مدة قصيرة ، حتى رضي استاذه خير الرضى ، وصار يدرس في مكان استاذه عند غيابه باجازة منه .
وجاء في تاريخ الغياثي : كان عالما بجميع العلوم ، المعقول والمنقول ، وكان عارفا بالتصوف ، وصاحب الرياضيات ، انتهى كلام السيد الامين العاملي .
واضاف الاستاذ علي نعمة الحلو في كتابه ( بلاد الاحواز ) ج2 ، ص 951 ، بقوله : استطاع السيد محمد بن فلاح ان يحرز قصب السبق على اقرانه الذين كانوا معه في حلقة الدرس في العلم والمعرفة ، فنضجت افكاره ، وتوسعت معارفه ، واشتد طموحه العلمي والفكري ، فتناول كتب الرياضيات واجهد نفسه في معرفتها والوقوف على اسرارها بكل دقة ومهارة وكان يميل الى الانفراد والعزلة ، انتهى .
واضاف الدكتور محمد حسين الزبيدي بقوله : وذكر ذلك في كتابه ( مجالس المؤمنين ) ، ولما بلغ السابعة عشرة من عمره ، وشد الرحال الى مدينة الحلة من اجل مواصلة الدراسة والاستزادة من العلم والمعرفة ، وكانت مدينة الحلة يومها مركزا من مراكز الاشعاع الفكري والعلمي في العراق ن فالتحق بالمدرسة التي تسمى ( الشرعية ) للشيخ احمد بن فهد الحلي المتوفى سنة ( 841 ) هـ ، احمد المتصوفة الكبار ، وكانت هذه المدرسة احدى المدارس العديدة في مرتبة الحلة التي كانت تعمل يومها على نشر العلم والمعرفة ، في هذه المدة اكب محمد بن فلاح ، على الدراسة ونهارا ، فلم يترك مجالا علميا الا واستفاد منه استفادة قصوى ، واستمر في جده واجتهاده حتى فاق اقرانه وزملائه في المدرسة ، ونبغ في وقت مبكر ، فجعله هذا النبوغ موضع ثقة واعجاب شيخه واعتماده ، وصار شيخه احمد ينيبه عنه في تدريس الطلاب اذا ما غاب عن المدرسة .
وذكر الاستاذ علي نعمة الحلو في كتابه ( بلاد الاحواز ) ج2 ، ص 152 : بعد ان توفي والد السيد محمد تزوج الشيخ ( احمد بن فهد ) بامه واعطاه احدى بناته ، فتعهد بتريته والعطف عليه حتى اطلع على الاسرار الخفية في علم الرياضيات ، فحصلت له بذلك خبرة تمكن بها من ان يجعل نفوسا في طاعته والذود عنه في اشد الساعات .
وجاء في تاريخ الغياثي ، كان للشيخ احمد بن فهد الحلي كتاب في العلوم الغريبة ، ولما حضرته الوفاة ، اعطى الكتاب الى خادمته لتطرحه في الفرات ، وان السيد محمد تمكن بحيلة من الحصول عليه ، واجرى بعض الخاريف والنيرنجات على الاعراب الساكنين حدود خوزستان فتابعوه ، واعتقدوا صحة ما اظهره ، وكان يلقن المتخرجين عليه والمتتلمذين ان الذكر ينطوي من تعليم اسم ( علي ) وبالنظر لهذا كانوا ينطقون بالذكر اسم ( علي ) ويتلقون من السيد ( محمد ) اعمالهم وهي كيفية ( التشعشع ) وحينئذ كان يتحجر بدنهم ويرتكبون امورا خطيرة في هذا السبيل ، وكانوا يضربون بطونهم بالسيوف فتخرج من ظهورهم دون ان يصيبهم اذى ، وكان السيد ( محمد ) يلقي شيئا ثقيلا في نهر عميق او ماء فيرسب ذلك الحجم في الاعماق ثم يناديه فيطفو ويخرج على وجه الماء ، وما ماثل ذلك من شعوذة ونيرنجات ، هذا ما دعى ان ينتشر امره وياخذ به الاعراب ويزداد كل يوم ، وصاروا ينعتون هذا القائم بـ ( المهدي ) .
وذكر السيد محمد المهدي المشعشع صاحب كتاب ( تحفة الازهار ) للنسابة السيد ضامن بن شدقمي الحسيني ، ج3 ، ص 230 ، جاء ما فيه : ففلاح خلف محمد المهدي ، مات والده وهو طفل ، فتزوج الشيخ العالم المحقق الفهامة ، احمد بن فهد بوالدته ، فاحسن تربيته وزوجه باحدى ابنتيه ، حتى مرض الشيخ مرضا شديدا ، ولما احس بقرب اجله ، دفع لاحدى امائه كتابا محتويا على فوائد عجيبة وغرائب خفية ظريفة ، وامرها بالقائه في شط الفرات ، فعارضها ( محمد المهدي ) فطلب منها الكتاب ، فمنعته عنه لبلوغ مرامها منه ، فدفعته اليه وانهزم في الحال قاصدا الازديان بطائفة خفاجة ، فسالها الشيخ عن الكتاب فقالت : القيته ، فقال ما رايت … ؟ ، قالت : ما رايت شيئا ، وكان في علم الشيخ انها اذا القته يضطرب الشط ويخرج منه دخان عظيم يعلو الى افق السماء ، فلزم عليها ان تصدقه فقالت : دفعته لمحمد مهدي ، فارسل خلفه فوجده منزويا عند خفاجة ، فطلبه منهم ، فانكروا محمد ، واحتج بأن الشيخ قد خرف من المرض وانه سني المذهب