بسم الله الرحمن الرحيم
احيكم بتحية الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لنقف أمام المرآة بكل جرأة !
الحمد لله الذي كرم الإنسان وخلقه في أحسن تقويم القائل : {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4]، والصلاة والسلام على من أدبه ربُه فأحسن تأديبه ، الذي وصفته عائشة رضي الله تعالى عنها فقالت : ( كان خلقه القرءان ) رواه مسلم .
يحتاج الواحد منا أحياناً أن يقف أمام المرآة ، ليُصلِح من صورته وهندامه ، وليبدو في صورة مناسبة وشكلٍ جميل وهيئةٍ حسنة ، وليُخفي العيوب الظاهرة التي تبدو له أمام المرآة , ولذا كثيراً ما يضع البعض عند المداخل في البيوت والإدارات والشركات والفنادق ( مرآة كبيرة ) ، ليعتني الجميع بمظهره ويتفقد أناقته ويكون في أحسن صورة .
وقد اعتنى الإسلام بجمال المظهر ، فحُسن الثوب وحُسن النعل من الزينة الظاهرة والجمال المطلوب الذي يُحبه الله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنة ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس ) رواه مسلم .
وكما أن زينة وجمال الظاهر أمر مهم ، والجميع يحرص عليه ، فحسن وجمال الباطن أمر أكثر أهمية ، وذلك مما يعكس سلوك الإنسان وثقافته وتربيته ، وما تعود عليه من جميل الخصال وطيب الفعال ، و أحياناً ننتقد الآخرين عندما نرى أو نقف على بعض تصرفاتهم وسلوكياتهم أثناء القيادة مثلاً أو الخروج للنزهة أو حضور المناسبات أو التعامل مع الآخرين ، وتصرفاتنا نعملها ونقوم بها بتلقائية ولا نراها ، وقد تكون هي الأخرى محل نقد واستهجان من الآخرين ، والمرد والضابط والميزان الحق إلى إسلامنا وهدي نبينا صلى الله عليه وسلم ، القائل : ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ) رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد .
ومن تلك المكارم العظيمة التي حثنا عليها ديننا : العلم والتواضع والصبر والرفق والعفو والكرم والتعاون والتضحية والإيثار والرجولة والترتيب والنظام ، وغير ذلك .
ونرى البعض يخالف تلك الأخلاق ويتنكب ذلك الهَدي وهو مسلم ينبغي عليه أن يجاهد نفسه في التحلي بتلك الخصال الحميدة ويمتثل ذلك الهدي النبوي .
ولذا فإني أذكر نفسي وإخواني ببعض التصرفات غير اللائقة والسلوكيات السلبية، التي نراها ونسمع بها في مجتمعنا لارتباطها بأخلاقنا وثقافتنا ، ونريد أن نقف معاً أمام المرآة ، لنتخلص من عيوبنا ( قدر الإمكان ) لنسعدَ ونُسعِد :
1 ــ الإمعية لدى شبابنا وفتياتنا : ولو وقفنا أمام المرآة لرأيناها لا تليق بنا .
فنحن المسلمون لنا شخصيتنا المستقلة ومعالمها البارزة كما حددها وضبطها الإسلام قال تعالى : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأنعام: 153].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تكونوا إمّعةً ، تقولون : إن أحسن النّاس أحسنّا ، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم، إن أحسن النّاس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا (رواه الترمذي وحسنه .
وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: " اتبع طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين ، وإيّاك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين " .
وما نراه من بعض أولئك الشباب والفتيات من مظاهر التقليد للغرب أو الشرق في أخلاقهم دليل إمعية ساذجة وانهزامية نفسية ذليلة ، يحذر الله منها بقوله : {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)} [الفرقان: 27 - 29]
ويردها الفاروق رضي الله عنه بقوله : " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله " ، فلنملأ قلوبنا عزة بديننا ولنؤكد ذلك بالقول والعمل .
2 ـــ الفوضى والعبث : تتنافى مع الرجولة والشعور بالمسؤلية ، وثقافة المراهقة في المجتمعات الغربية ترفع قلمهم عن المراهق من ( 13 ـــ 19 ) t e e n a g e r's ، بينما البلوغ في الإسلام معناه بداية التكليف الشرعي لكل من الشاب والفتاة ، ومرحلة فاصلة بين مرحلة الصبا والطيش والرجولة والنضج ، ومع أول لحظة في البلوغ يجري القلم {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} [الانفطار: 10 - 12] ، بل إن الأمر فوق ذلك بكثير ، قال الله : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق: 16 - 18].
وهذه بعض مظاهر الفوضى والعبث في حياة بعضنا :
ــــ الكتابة ( الشخمطة ) كما يحلو للبعض تسميتها ، فكتب شبابنا على كل شيء : كتبهم المدرسية ، وطاولات الدراسة بل حفرت ، والجدار الملاصق للطالب وجدار المدرسة الداخلي وأما
الخارجي فحدث ولاحرج ولوحات الطرق ( حتى المعلقة منها ) والمساجد لم تسلم وجدران البيوت والدوائر الحكومية والكباري ، و و ( وماذا أقول ؟ ) هؤلاء هم بعض شبابنا .
ــــ الاتكالية والاعتماد على الغير كالآباء والأمهات والزملاء والزميلات ، في كثير من أمورنا.
ـــ سوء الترتيب والتنظيم في موضع نومنا وغُرفنا وملابسنا وأدواتنا وممتلكاتنا وسياراتنا مثلاً ، فالبعض أصبحت سيارته ، غرفة نوم ومطبخ ومستودع ، ولو أراد وثيقة من وثائقه المهمة يوماً ( كجواز السفر أو شهادة ميلاد أحد الأبناء ) لبقي يبحث عنها أسبوعاً ، ولدى بعضنا على سبيل المثال 10 مقصات أظافير و10 زراديات ، لأنه لا يعلم أين وضع الأول منها ، وهكذا .
ــــ التجمهر ( فقط ) عند الحوادث مع السلبية عند الأغلبية ، فتكون الإعاقة لمباشرة المختصين لأعمالهم .
ــــ الإساءة للآخرين وتحقيرهم وإهانتهم وسلبهم حقوقهم ، وخاصة العمالة ، والآسيوية تحديداً فهم عند البعض ليسوا بشراً ، ونسي هؤلاء قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ) المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرار، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه ) أخرجه مسلم .
ــــ سوء التعبير عن مشاعر الفرح ( تحديدا) ، وما يصحب ذلك من العبث والفوضى وتقديم صورة غير حضارية ، لمن يُقيم بيننا من الشعوب الأخرى .
ــــ انعدام النظافة ، في دورات المياه العامة ، كالمساجد والطرق العامة ، والأكثر يسهم سلباً في اتساخها وعدم نظافتها وخاصةً ( النساء ) مع الأسف .
ـــــ وضع الأحذية في المكان المناسب ، عند مداخل المنازل ، فتجد عند البعض الأحذية خارج باب الشقة مبعثرة ومقلبة لأفراد العائلة جميعاً ، ولا يوجد لها مكان مخصص خلف الباب أو دولاب تعود الصغير قبل الكبير أن يضع حذاءه فيه ، وامتدت تلك الثقافة إلى المساجد ، فإذا ما تأخرت يوماً ودخلت إلى المسجد أو خرجت مبكراً ، فقد تتعثر بها من كثرتها أمام الباب ، و5 % من المصلين يضع حذاءه في المكان المناسب !! .
فلنراقب أعمالنا ( جميعاَ وخاصةً الشباب ) ونقف أمام المرآة بكل جرأة ولنخلع جميع مظاهر الفوضى والعبث واللامبالاة من حياتنا ، ولنكن على قدر المسؤلية ، فإننا ( نمثل أنفسنا أولاً ) ، ثم أسرنا ومجتمعنا وبلادنا وأمتنا .
اللهم اهدنا لأحسن الأعمال والأخلاق والأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت ،
واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت .
مع اطيب التحيات اختكم ((ملاك القمر))