حيث تعيش ام مع ابنها الوحيد وزوجته واطفاله ...الام هجرها زوجها منذ زمن واتخذ زوجتين اخريتين ..ذاقت الحزن والفاقة لتربية ولديها ..خسرت الولد الاول في حرب العراق وايران ..ظلت الام ترى في ولدها دافعا للعيش من اجله ومعه .....تذرعت بالصبر كي تظل الى جانبه وتسقيه من صدرها حنانا وعاطفة وابتهالات الى الله ان يحفظه ..وكانت فرحتها لاتوصف عندما تزوج أما فرحتها الكبرى فكانت عندما رزقه الله بمولود ذكر ثم اخر ..
عندما صار لديه اربعة اطفال احست ان الحزن بدا يودعها وان العائلة صارت كبيرة من جديد.ولكن الحزن ابى ان يكون مفارقا لها طويلا ..ففي احد الايام توجه الى عمله في العاصمة كما هي عادته منذ سنوات ...في ذلك اليوم الذي غادر فيه بدات تحس بان شيئا ما سيحدث ..شيء مرعب ينتمي الى ايام تكرهها ..لاتطيق التفكير بها ..في اليوم التالي هرعت الى اخيها وطلبت منه بالحاح ان يتصل بولدها ويحضره اليها في الحال قبل ان يقع المحذور ..
ماذا حصل ؟ لماذا هذا الخوف ؟
تسائل الاخ من غير ان يجد اجابة منطقية فالام كانت تعرف اشياء لايعرفها الا قلبها الذي خفق في مساء ذلك اليوم الذي غادر فيه الابن ان ثمة شيء مكروه سيحدث ..
وحدث المكروه فعلا ..فعندما اتصل الاخ بالشركة التي يعمل فيها الابن اخبره زملاء العمل ان الشاب خرج ولم يعد ..وانهم يبحثون عنه بلا جدوى ...
وتوجه الاخ الى هناك ..بحث وبحث ..وبعد عشرة ايام عثر على الجثة في احد المشتشفيات ..حيث لقي الولد حتفه برصاصة في مؤخرة الراس وكفى ..
ولكن كيف يمكن اخبار الام بما حصل ...كانت منهارة تماما وتعرف انه الموت قد عاد من جديد الى دارها فقلبها لايخطيء
خاصة فيما يتعلق به ...عجز أشجع الشجعان عن اخبارها بالخبر الذي صار لابد من معرفته في النهاية . ...وعرفت الخبر ..وعندما القت على ولدها نظرة الوداع ..ودعت اخر ما تبقى لها في الحياة ..في اليوم السابع وعندما كانت تحتضن حفيدها الصغير شمته في عنقه بشوق كبير ونطقت باسم ولديها الراحلين ثم فارقت الحياة ...