بخلاف ما يعتقد الكثيرون بأن الطفل ولصغر سنه لا يدرك الامور ولا يهتم بالشؤون التي تخصه،
فان الممارسات والسلوكيات التي يقوم بها الأطفال تقول غير ذلك فالطفل كائن حساس
يتفاعل مع من يتعامل معه سلباً وايجاباً حسب طبيعة الموقف، فهو يقترب ممن يحسن اليه
ويبني معه علاقة حميمة، وبذات الوقت ينفر ممن يسيء اليه، وبهذا الصدد فان على من يتعامل مع الاطفال.
يجب ان يكون التعامل معهم صادقاً وعدم المراوغة معهم في الأمور
التي تخصهم، ففي كثير من الاحيان يلجأ المحيطون بالطفل الى قطع الوعود معه
بأنهم سيحضرون له الهدايا وذلك بغية اسكاته عن البكاء مثلاً او لايقافه
عن الحركة الزائدة والازعاج في البيت، او لحثه على الاهتمام بدروسه وواجباته المدرسية،
اذن فالوعد هنا ما هو الا وسيلة اغراء يقصد منها تحقيق هدف تغيير سلوك الطفل،
ولكن يجب الحذر فإن عدم الصدق وعدم البر بالوعد هنا قد يذهب بالطفل الى سلوكيات غير مُرضية للذين يعيشون معه.
وقد تزداد لديه حالة العناد والشغب والاهمال في الواجبات المدرسية، فعلينا والحالة
هذه ان نصدق الوعد ونفي بما نعد الطفل به، اذا اردنا ان نحقق هدفاً تربوياً في الطفل، وان المزايا التي تنجم عن البر بالوعد هي:
بناء الثقة لدى الطفل بمن يتعامل معه خصوصاً الذي وعده بالهدية.
وبناء روح الاحترام والتوقير لدى الطفل تجاه من يعده بشيء.
مع تحقيق روح الرضا في الطفل واشعاره بأنه مهم في حال اعطائه الهدية مع
تعزيز فضيلة وقيمة الصدق لدى الطفل.
و بناء على ما تقدّم فان الطفل سيتجه ويقبل على احترام الغير وسيهتم بدروسه،
وسيكف عن الحركة الزائدة والشغب واثارة الضجيج في المنزل، وسيصبح مطيعاً متفاعلاً
بشكل ايجابي مع افراد اسرته وخصوصاً مع الذي يغدق عليه الهدايا، وبالتالي ستترسخ لديه فضيلة الصدق.
وعلى عكس ذلك، فان الاضرار التي تنجم عن عدم الوفاء بالوعد هي:
هدم الثقة بينه وبين من وعده بشيء.
وانخفاض روح التوقير والاحترام تجاه مَنْ لم يَفِ بالوعد.
وشعور الطفل بأنه غير مهم، وانه لا يستحق الهدية.
ونظراً لطبيعة التقليد التي يمتاز بها الطفل، فانه سيجنح الى الكذب هو الآخر.
مع بدء الشعور بالكراهية تجاه مَنْ لم يصدقه الوعد.
علما انه لن تتحقق غاية من وعده بأن يكون هادئاً، ومهتماً بدروسه، فيصبح اكثر شراسة وشغباً،
وسيهمل واجباته المدرسية وسيصبح عنيداً لا يطيع احداً من افراد أسرته.
وهكذا، فان الطفل كالعجينة، اذا ما أُحسن تحويرها وتشكيلها فان الطفل
سينشأ نشأة اجتماعية سليمة، وسيستقيم سلوكه بشكل مرضٍ، وسيكون التعامل معه سهلاً وسلساً.
فليكن من يتعامل معه حذراً بأن لا يكذبه الوعد، وان يفي بما وعده به، حتى نصل به
الى طريق تربوي سليم وحينها سيستجيب الطفل للتوجيه، والتقويم التربوي،
وستترسخ فيه قيم الطاعة والتعاون، والاهتمام بالدروس، والشعور بالأهمية بين افراد اسرته،
كما ان هذه القيم والفضائل ستتجسد في تعامله مع اقرانه في المدرسة والحارة،
وسيصبح مثالاً وقدوة لهم، كما انه سيحظى باحترام زملائه في المدرسة
وسيكون مثار اعجابهم وتقديرهم، فاصدقوا الوعد ايها المتعاملون مع الطفل، حتى يستجيب لمتطلبات العملية التربوية الصحيحة.